نبيل أبوالياسين: إستخدام المهاجرين كسلاح لكسب نقاط سياسية إنتهاك صارخ للإنسانية

نبيل أبوالياسين: إستخدام المهاجرين كسلاح لكسب نقاط سياسية إنتهاك صارخ للإنسانية

لقد شاهدنا في الأيام القليلة الماضية محاولات ميل السياسيين في بعض الدول لشيطنة المهاجرين، من أجل مكاسب سياسية على حساب اللاجئين الذين يعُدون من الفئات الأكثر ضعفاً في العالم، ونشعر نحن ويشعر الكثيرون بقلق بالغ حيال طريقة إستخدام سياسة بعض الدول للمهاجرين "كـ”أسلحة رخيصة لكسب نقاط سياسية في الداخل، وقد واجهت دول عدة في أوربا إنتقادات واسعة بسبب طريقة تعاملها التي وصفناها في السابق بـ”وصمة عار" على مايجرى تجاه اللاجئين من قسوة وأساليب أخرىّ غير قانونية تتنافى مع الإنسانية، وميثاق الإمم المتحدة الخاص بالمهاجرين.

ومن أبرز الدول التي وجهت لها الإنتقادات "بريطانيا" وذلك بسبب خططها المعلنه على الملأ وهي إرسال طالبي اللجوء إلى"رواندا واليونان”، وذلك إثر ظهور تسجيل مصوّر إنتشر الشهر الماضي على الصحف، ومنصات التواصل الإجتماعي وما بدا أنها عملية طرد بالقوة لمهاجرين تُركوا لخوض البحر بلا رحمة ولا شفقة، وبلا وُجْهة محددة لهم، فضلاًعن؛ أنه من عدة أيام قليلة، عَلِقت مجموعة من المهاجرين بينهم نساء وأطفال من سوريا وأفغانستان عند الحدود بين "بولندا وبيلاروسيا"، فيما أتُّهم حرس الحدود بمنعهم من طلب اللجوء.

وما شهدناهُ من خلال متابعتنا عن كثب لهذا الملف "اللاجئين" وشاهدهُ الجميع في السنوات الأخيرة الماضية هو تحويل أشخاص في أوضاع يائسة للغاية إلى أسلحة رخيصة وإستغلال ضعف هؤلاء من المهاجرين الذين فرو من بلادهم مَجْبُورٌ عَلَى هذا بسبب الصراعات والنزاعات السياسية كوسيلة لتغذية ما يعُد عادة "بـ"نزاعاً سياسياً، وأرىّ أن هذا التكتيك من النوع المقلق جداً لأنه قبل كل شيء لاإنساني، ويخالف كافة الأعراف الإنسانية والدولية على حدً سواء، وأعتقد أنه في نهاية المطاف لا يؤدي هذه الإنتهاكات إلى نتيجة أفضل لأي طرف من الأطراف كما أنهُ لا يؤدي لأي مكاسب سياسية بل يلحق العار على جبين كل من يستخدم هؤلاء الضعفاء الذين يعُدون بشر مثلنا لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات أينما "قطنوا" "كـ"سلاح لمكاسب سياسية.

ومن هنا أوجه رسالة إلى المديرة المقبلة "لـ"المنظمة الدولية للهجرة “أيمي بوب"
التي تم إنتخابها من قبل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للهجرة، في يوم الأثنين 15 مايو من العام الجاري 2023 "كـ" مديرة عامة تالية لها خلال الدورة الإستثنائية السادسة لمجلس المنظمة الدولية للهجرة، والتي تعُد أول امرأة ستقود المنظمة الدولية للهجرة منذ تأسيسها، بأن يكون
الشاغل الرئيسي لها في بداية توليها المنصب هو أن يكون للأشخاص الذين فروا من بلادهم هرباً من الموت لديهم فرصة لطلب الحماية، وأن يجب النظر في الأمر بشكل منصف، ولا يتم إستخدامهم مره آخرىّ كأوراق ضغط سياسي، فضلاًعن؛ الإيفاء بتعهّداتها وتبني رواية أكثر إيجابية عن الهجرة والتأكيد؛ لمن يتحدث عن المهاجرين بشكل مهين ولا إنساني لايصلح بأن يكون سياسي ولا يشغل ولا يشغل منصب قيادي فهؤلاء هم بشر مثلنا.

وقد شاهدنا جميعاً أنه عندما يعترف الناس وفي أوروبا تحديداً بالآخرين كبشر، وإنعكاسة نفسياً على الأشخاص الفارين من ديارهم جراء الحروب والصراعات السياسية الغير مبرره، وكان هو على ما أعتقد الدرس الذي تعلمة دول الغرب من أوكرانيا، الذين ظهروا نية سليمة وإنفتاحاً أكثر بكثير، عكس ما نراة مع الآخرين من الدول الأخرىّ لاسيما العربية والإسلامية ودول إفريقيا، لذا؛ يجب على "أيمي بوب" تطوير المنظمة التي تأسست عام 1951، ولكنها لم تصبح تابعة للأمم المتحدة رسمياً إلا قبل سبع سنوات!، كما تعهدت قبال فوزها ووعدت بتحديث هذه المنظمة الدولية للنهوض بها بشكل أفضل فيما يخص ملف المهاجرين، وبالتحديات التي يشكلها التغير المناخي أيضاً، ومهم جداً من رؤية إستراتيجية واضحة، ووجود حاجة مهمة للقيام بالمزيد لإظهار أن المهاجرين يمكنهم أن يكونوا الحل، لا المشكلة.

وأدعوا في مقالي هذا؛ منظمة الصحة العالمية إلى إرساء نظام صحي للاجئين والمهاجرين وعلى شركاءها الإقليميين والدوليين الإلتزام بتحقيق التغطية الصحية الشاملة للمهاجرين واللاجئين، والتشجيع على إرساء بيئة صحية لهم في إطار الواجب الذي تحتمه أوضاعهم الإنسانية الذي حث علية ميثاق الآمم المتحدة الخاص بالمهاجرين لكافة دول الأعضاء، لأن ما شهدناة في الأيام القليلة الماضية من بعض نظام الدول الذي يحترم حقوق اللاجئين، عكست إنسانيتها المشتركة أمام الجميع، وإستمرار مأساة اللاجئين الذين يتعرضون للإضطهاد، والتنكيل، والسرقة والقتل على يد آمن هذه الدول، إنتهاك صارخ للإنسانية ولحقوق الإنسان ويجب ألا نشاهد هذا مره آخرى، والتوقف عنه فوراً ومحاسبة مرتكبي هذا الجرائم وهذا ما نأملة في إدارة"أيمي بوب" كمديرة جديدة للمنظمة الدولية للهجرة.

وأُشير في مقالي؛ هذا إلى بياني الصحفي الصادر في يوم الثلاثاء 21 يونيو 2022، بعنوان «نبيل أبوالياسين: يهاجم دولة اليونان ويصف مايجري تجاة اللاجئين«وصمة عار»،
وأكدت؛ فيه أن صد "اليونان" للمهاجرين السوريين وغيرهم من الدول العربية يعُد إنتهاك صارخ للقانون الدولي، والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، ولا يزال يؤدي بحياة العديد من الأبرياء، وأن النهج الذي تستمر السلطات اليونانية في نهجة تجاة اللاجئين يُعد تصرف بـ”اللا أخلاقي” لذا؛ يجب على المنظمات الدولية، والحقوقية أن لا تكتفي فقط بتوثيق الإنتهاكات اليونانية، فليس هناك أي فائدة منه فقد تم توثيق الكثير، والكثير من الإنتهاكات، ولكن يجب فضح هذه الدول التي تترنح بالكذب بأنهم رعاة الديمقراطية، وحقوق الإنسان وهم جذور الإستبداد، لأن ما يجري تجاة المهاجرين هو وصمة عار على جبين هذه الدول.

وطالبت فيه حينها مجلس الآمن الدولي بأن يَكَفَّ عن الصمت الغير مبرر ويتحرك كما تحرك للاجئين الأوكرانيين، ويسعىّ جاهداً لثني الجانب اليوناني عن الإنتهاكات المتكررة ضد اللاجئين من الدول العربية، والإسلامية بأي شكلاً كان، فالتقارير الرسمية الصادرة من بعض المنظمات وعلى رأسها منظمة هيومن رايتس ووتش أشارت إلى الكثير من الإنتهاكات من الجانب اليوناني لحقوق الإنسان، ولكن للأسف تبقى هذه التقارير ورقية دون إلزام الجانب اليوناني بأي تغيير في سياستها تجاه هؤلاء المهاجرين، وطالبي اللجوء حتى وقتنا هذا.

وأستنكر في مقالي تصريحات "أنطوينو غوتيريش" في إجتماع لمجلس الأمن الدولي خُصّص لحماية المهاجرين والمدنيين، والتي تصدرت صفحات الصحف الغربية والعربية منذ أيام قليلة، الذي ينتقد فيها إخفاق المجتمع الدولي في حماية المهاجرين والمدنيين خلال النزاعات والصراعات السياسية الدائرة الان في بعض الدول، وأبرزها القتال الدائر في دولة السودان الآن، قائلاً؛ وما هو دورك كـ"أمين عام للأمم المتحدة أكبر منظمة دولية في العالم، ومن المفترض أن تكون جميع قراراتها ملزمة على جميع الدول بلا إستثناء ولكن ضعف قيادات إدارة المنظمة جعلت جميع القرارات التي تصدرها الآمم المتحدة هي والعدم سواء، ومنذ أن تولى" غوتيريش" منصبة لانرىّ منه غير شجب وتنديدات لا تثمن ولا تغني من جوع، والإنتهاكات الجسيمة التي يرقىّ أغلبها لجرائم حرب أصبحت شرقاً وغرباً ويفلت مرتكبيها من العقاب بل ويتباهى هؤلاء المجرمين بإجرامهم على الملأ وكان أخرها مسؤولين إسرائيليين.

وإستعرض مجلس الآمن الدولي حينها تقريراً للأمين العام في هذا الشأن، أظهر أنه في"2022" فقط سجلت الأمم المتحدة موت 16 ألفاً و988 مدنيا على الأقل في 12 نزاعاً مسلحاً، أغلبهم من الدول العربية والإسلامية، أي بزيادة قدرها أكثر من 54% عن العام الذي سبقة "2021”، وأفاد "التقرير" أنذاك؛ أنه في أوكرانيا التي تتعرض لحرب روسية منذ أواخر فبراير من عام "2022“ أحصت الأمم المتحدة موت 7 آلاف و957 مدنياً، وإصابة أكثر من 13ألفاً و640 بجروح، رغم أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى على الأرجح بكثير، ورغم الإنتقادات الواسعة من الآمم المتحدة وغيرها اللجوء إلى “الأسلحة المتفجرة” حينها، إلا أنه تم إستخدامها، وكان ما يقرب من 94% من ضحاياها في المناطق المأهولة هم من المدنيين العزل.

وألفت في مقالي: إلى جرائم الحروب الغير مبررة فقد
كشفت التقارير الصادرة من الآمم المتحدة إلى أنه خلال العام الماضي، عانىّ أكثر من 177 مليون شخص نقص الغذاء الحاد، وكان السبب الرئيس لهذا الحروب والصراعات السياسية التي أدت لإنعدام الأمن في تلكُما البلاد، لذا؛ أُحذر من أن تجويع المدنيين عمداً هو جريمة حرب عظمىّ، لا تسقط بالتقادم، ولن يفلت منها مرتكبيها من العقاب مهما طال الزمن، وأن معاناة المدنيين جراء النزاعات في دول مثل السودان واليمن وسوريا، ومنطقة الساحل الأفريقي والصومال، وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديموقراطية وغيرها من الدول لن تمر مرور الكرام رغم ضعف قيادة الآمم المتحدة الحالية.

لذا؛ أُناشد في مقالي هذا كافة الجهات المعنية في هذا الشأن، والمنظمات الإنسانية، والمدافعين عن حقوق الإنسان ولاسيما اللاجئين، وأصحاب القرار في جميع دول العالم على العموم، ودول الإتحاد الأوروبي على الخصوص للتواصل مع سلطات الدول التي تُضْطَهَدَ المهاجرين، من أجل الضغط عليها، ووضع حد لترحيلهم، لأنه مخالفاً للقانون الدولي، ولكافة الأعراف الدولية والحد من طريقة تعامل تلكُما السلطات اللا إنسانية مع اللاجئين التي تكمن في مضمونها غاية أساسية من جانب هذة الدول والتي تريد إيصال رسالة للاجئين بأنها لا تريد أي لاجئين من أي دولة غير أوروبية، بمعنى أن هذه الدول تعُد ضمن دول الإتحاد الأوروبي التي بدأت تضع معايير ذات طابع عنصري.

وقد شاهدنا وشاهد العالم بأسرة طريقة تعامل دول الإتحاد الأوروبي مع اللاجئين الأوكرانيين، على النَقيض من طريقة تعاملها مع اللاجئين السوريين، والعراقين والأفغان وغيرهم، فهذه رسالة تسعىّ هذه الدول وفي مقدمتهم "بريطانيا، واليونان" وللأسف تم إيصالها وقد وصلت بالفعل، وأصبح الكيل بمكيالين نهجهُما السياسي والإستراتيجي الآن، فهل تغير المديرة المقبلة "لـ"المنظمة الدولية للهجرة “أيمي بوب" هذا النهج الذي تتبعه هذة الدول تجاة المهاجرين، وطالبي اللجوء من الدول العربية، والإسلامية وغيرها من الدول؟، وتطيح بالمعاير ذات الطابع العنصري، والكيل بمكيالين الذي نشاهدة الأن في طريقة التعامل ما اللاجئين.

وختاماً: لقد لاحظنا مع مرور الوقت ومن بداية الأزمات والنزاعات السياسية في الدول العربية، وغيرها من الدول، وخاصةً منذ بداية القتال في السودان أنّ الدّول المجاورة لمناطق الأزمات، هي الّتي تتحمّل "العبء" الحقيقي في قضيّة الهجرة واللّاجئين، وليس مجتمعات الدول المتقدّمة، وأنّ هؤلاء الّذين يستغلّون المئات من اللّاجئين في بلادهم لأغراض التّرويج والدّعاية السياسية وغيرها، لا يتحمّلون أيّ مسؤوليّة لمواجهة الأزمة الإنسانيّة المتفاقمة بشكل حقيقي، وما نشهده كلّ يوم، من مأساة اللّاجئين الّذين يتعرّضون للإضّطهاد، والضّرب وتصل للقتل، على يد رجال الآمن في بعض الدول إنتهاك صارخ وغير مسؤول، قد يستبب في كارثة إنسانية بكل المقاييس إذا إستمر هذا النهج لسياسة هذه الدول بشأن المهاجرين.

الكلمات المفتاحية

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التعليقات

ضعي تعليقَكِ هنا

التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;