كفى فسادا

كفى فسادا

إن قيام الحضارات أو انهيارها عبر التاريخ يدعو إلى التفكير في الأسباب ودراسة العوامل والمقومات التي تجعل حضارةً ما تزدهر أو تموت، وفي هذا الإطار ظهرت مجموعة من النظريات عبر التاريخ تبين أن الفساد والانهيار الأخلاقي الذى ضرب المجتمع من كافة جوانبه هو المعوق الأساسي لأي تنمية أو إصلاح سواء فى المدى القريب أو البعيد وسوف يؤدى حتما إلى أضعاف كيان الأمة ويجب على الدولة وضع منظومة جادة لحل هذه المشكلة التى أكلت الأخضر واليابس لكن من الضروري إن نعرف أن الفساد السياسي هو المسئول الأول عن استمرار كافة أنواع الفساد الأخرى ، بل هو المسئول الأول عن وجودها ونموها بشراهة بالغة.
وأرى انه شاعت أموراً كثيرة غير أخلاقية فى المجتمع، انتشر الغش والتدليس والخداع والنفاق والكذب والتضليل والإستغلال وانعدام الأمانة بين الناس، وانعدمت كذلك الثقة بين أفراد المجتمع الواحد، وأصبحنا بالفعل نعيش عصراً زادت فيه القدرة على قلب الحقائق، وجعل الجهل علماً والعلم جهلاً والمعروف منكراً والمنكر معروفاً والحق باطلاً والباطل حقاً، أصبحنا نعيش زمن يعتريه موت الضمير وانهيار القيم والمبادئ الرفيعة، وازدياد الاهتمام بالمغريات والماديات والشكليات والمظاهر الزائفة وتجاهل مفاهيم العدل والفضيلة والمساواة والوفاء بالعهد، المداخيل المادية المتدنية لملايين الأسر التي يهرب شبابها من سوء الحالة المادية ليرتكبوا أخطاء قاتلة مميتة مثل تعاطي المخدرات التطور التكنولوجي الهائل الذي خلق للشباب والشابات متاهات كثيرة وعندما يتعمقون فيها يزدادون ضياعا وخسرانا مبينا . "" الانترنت "" عالم ملئ بالمغريات والمتاهات التي حتى تُفسد البالغين . ومن أخطر مظاهر التطور التكنولوجي المحطات الفضائية التي لا تحترم دين ولا أعراف وتُفسد من يشاهدها ويداوم على مشاهدتها .
ثم يأتي السؤال الصعب إلا وهو…… ما الحل ؟
الحل يبدأ من الأسرة التي عليها واجب التركيز على التوجيه والإرشاد وتقديم النصح وتبيان الصحيح والخطأ بدون الصراخ والعويل بل عبر الحوار الهادئ المتزن والهادف.
كما يجب على الآباء والأمهات إن يراقبوا الأبناء بحذر لكي يعرفوا ما يشاهد الأبناء على التلفاز وعلى وسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة لدى الأسرة . أما الثقة المطلقة في إستقامة الأبناء فهذا خطأ فادح !!
ويجب إن لا نغفل عن دور الأسرة التعليمية لمراقبة إنحراف السلوكيات في المدارس في جميع مراحلها وحتى الجامعات .
وعلى المجتمعات إن تسعى الى بناء الفرد الصالح من خلال التنشئة الأسرية الصحيحة، وتطوير منظومة التعليم والتمسك بعدم اهانة المرجعيات (القدوة). لأنه بصلاح الأسر والتعليم تنصلح المجتمعات ، وأيضاً لا ننسى دور العبادة التى تعتبر أبرز وأهم المؤسسات الاجتماعية التربوية التي ارتبطت بالتربية ارتباطاً وثيقاً والتى تعمل على نشر الوعي بين الناس، ولم شملهم ، وتوحيد صفهم كما انه مكاناً للتعليم والتوعية الشاملة ، التي يستفيد منها جميع أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم، كما يجب على المؤسسات الإعلامية إن تقدم إعلاما هادفاً يسعى للبناء وليس للهدم ، لان ما يعرض فى الأغاني والمسلسلات والأفلام هو شذوذ أخلاقي بمعنى الكلمة وقفت إمامه الدولة عاجزة عن إيقافه، كما إن ما نشاهده فى فضائيات مفسده من إسفاف وانحطاط وما نقرأه بواسطة قلم مأجور هي في غالبيتها بها سم قاتل وتمثل خطراً كبيراً على العقول، وخطراً أكبر على المجتمع .
يا من يبكي على أمجاد الأجداد، ويرغب في عودة العزَّة، ويحترق من أجل إزالة مرارة الإذلال، استثمر في ميدان الأخلاق فهو في متناولك، لكن ليس الأمر باليسير؛ فأي رسالة فضيلة ستلقى استهجان القريب قبل البعيد.

 

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;