الاردنية سارة السهيل تلقي محاضرة بعنوان الحب في زمن الحرب

الاردنية سارة السهيل تلقي محاضرة بعنوان الحب في زمن الحرب

ألقت الكاتبة والأديبة سارة السهيل محاضرة في اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين، تحت عنوان "الحب في زمن الحرب والتي ادارها الزميل الصحفي محمود الداوود، وبحضور رئيس الاتحاد الشاعر عليان العدوان، ونخبة من اهل الثقافة والأدب. وقالت السهيل انه لما كانت الإنسانية في حاجة دائمة للحب لإعمار الكون ولتحمل مشاق الحياة ومكابدتها ، فان الحاجة للحب في زمن الحروب تكون ملاذا وحيدا لتجاوز ويلات هذه الحروب وعبور مراراتها بأقل الخسائر الإنسانية الممكنة.

فكلما اشتدت أتون الحرب اشتدت في المقابل الحاجة الضرورية للحب كحاجة الانسان للماء والهواء ، وهذا أمر طبيعي لان الانسان في هذه الحروب اللعينة التي تشعلها الفتن والمطامع الدنيوية الرخيصة ، يكون نهبا لصراعات داخلية شديدة الوطأة علي جوارحه فتنزع عنه الأمان والطمأنينة وتزرع بداخله هواجس اليأس والخوف من المصير المجهول تجاه الحياة بأكملها سواء قدرته علي البقاء صامدا في مواجهة كوراث الحروب أو خوفه علي مستقبله المهني والاسري وخوفه علي اوطانه التي تتمزق بالغدر والخيانة ، و غيرها من الهواجس التي تسيطر علي قلبه وعقله فتفقده اتزانه النفسي وتفقده أيضا الثقة فيما وهبه الخالق من ثبات وايمان .

وأضافت السهيل: وهنا تنجلي قدرة الخالق العظيم في منحه نعمة الحب ليجلي ظلمات أيامه ويحقق له الحنان والأمان فيبدو متماسكا امام الاهوال والصعاب قادرا علي التحدي والمواجهة، وبالأحرى قادر الحياة وسط والخراب والموت اليومي الذي يعيشه.

ولذلك يرصد أصحاب التجارب والخبرات الإنسانية حقيقة ان العلاقات التي تنشئ خلال المحن والحروب تعد من أشد العلاقات تماسكا وترابطا وانفتاحا ،وكأنها النور يولد من قلب الظلام فيحيل حياتنا الي امل ورحمة وتمسك بالحياة في مواجهة الموت .

وقالت: ها هو الحب يسري في الأرواح مختزلا حواجز المكان والزمان والظروف والأوضاع والدمار ، كما نسمة حانية تهل علي اغصان الأشجار الظامئة في نهار قيظ الصيف ، فتحنو عليها وتلفها وتراقصها رقصة عاشق بمعشوق فيذوبان معا في لحظة أبدية هي أولا وأخيرا من صنع الله الطيف بعباده .

قد يفترق في الحرب حبيبان كل منهما صار بلد أخر ، لكنهما لم يفترقا بالروح ويظلان متمسكين بأهداب الحب في قلوبهما ويبادلان بعضها المشاعر عبر الرسائل الخطية كما كان الوضع قديما او الرسائل الاليكترونية وغيرها من وسائل التواصل والاتصال الإنساني.

وأشارت الى انه بالرغم من ان الحرب بما تعنيه من خراب ودمار وقتل وتشريد وهلاك وموت في مقابل الحب الذي يعني في كل غاية الحياة الغالية، فانهما يلتقيان في التضاد ، فتاريخ الادب طالما رصد قضية الحب في زمن الحرب بوصفهما متلازمتان فالحرب تولد الحاجة الي الحب ، والحب يترجم الي معاني من الوفاء والإخلاص للاوطان خلال الحرب. وأكدت ان هذا المعني نجده واضحا في قول عنترة بن شداد " فوددت تقبيل السيوف لأنّها لمعت كبارق ثغرك المبتسم".

بل أن الحرب بما فيها نيران مشتعلة وفقد للاحبة وخسارة للأعزاء وجراح للقلوب ، فان الحب قد يفعل نفس هذا السلوك اذا ما افترق الحبيبان فان احدهما قد يدمر نفسيا كدمار الحروب وتكن الخسارة في الحالتين واحدة .

وكما ان معظم الحروب تدار هدفا للاحتلال والاستيلاء علي الثروات ، فان الحب كذلك يحتلك ويتحكم فيك ويفقدك القدرة علي السيطرة علي نفسك لكن بمنطق الجمال والدلال والحنان ، فانت في الحب ضعيف كطفل صغير مرهف يذوب مع من يلاطفه ويعشق ضمة صدر حانية تشعره بالطمأنينة ، وكذلك في الحرب تبدو ضعيفا جدا امام ما تعيشه من اهوال ،لكن يبقي الحب وجها مشرقا يضمد الجراح وتظل الحرب علما علي الألم والقسوة .

وقالت السهيل:

اذا ما جاز هذا التعبير ، فان أدب الحروب كما سجلته الاعمال الإبداعية قد تعانق فيه الحب برائحة الدخان والبارود، وكل الأعمال الأدبية التي كتبت في ظل الرصاص والنيران تناولت الحب بوصفه قيمة رئيسية في حماية الانسان من ان يجتر مشاعر العدم والعنف ، كما في "الإلياذة" ملحمة هوميروس الشعرية، وكذلك قصائد أراغون، بول إيلوار، رسول حمزاتوف، رواية "الحرب والسلام" لتولستوي، "كل شيء هادئ في الجبهة الغربية" للكاتب الألماني إيريك ريمارك، روايتا "وداعاً للسلاح" و"لمن تقرع الأجراس" لأرنست همنجواي، وفي الساحة السورية الأدبية الراهنة "بوابات العدم" لسمر يزبك، "حراس الهواء" لروزا ياسين حسن، "طبول الحرب" لمها حسن وغيرها. وأضافت السهيل ان الفناء في الحروب يخلق الرغبة القوية في البقاء ، والبقاء قرين الحب ، والحب يحافظ علي الوجود الإنساني من الاندثار ما أكدته حصاد تجارب الحروب في منطقتنا العربية خلال السنوات العشر الأخيرة ، فالانسان يهرب بكل جوارحه من الموت الي بحث عن خلاص ولا خلاص له بمعزل عن الحب كطوق نجاة أخير ، وهو امر واقع رصدها الباحثون من خلال رصد الإقبال على العلاقات الحميمة، البحث والتشبث بالحب، عبرظاهرة BABY BOOM أي ارتفاع أعداد المواليد في الحروب،.

ففي أشهر العدوان الإسرائيلي على غزة تسجل وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاعا لافتا في عدد المواليد الجدد يتجاوز المعدل الوسطي الشهري بحوالي 500 ولادة، وفي سورية أعلنت الأمم المتحدة عن ازدياد عدد الخدج في مخيمات اللجوء السورية وبعض المناطق المحاصرة بالموت، هناك حيث يتشبث السوريون ببقايا إنسانيتهم:

يحبون، يتزوجون، يتكاثرون، يمارسون الحياة هربا من العدم. واختتمت السهيل المحاضرة بقولها: يقاوم الناس الحرب بالحب يتعانقون ويتلاحمون في مواجهة نيران الفتن المشتعلة ورصاصات الغدر وقذائف الشر ، مشاهد يومية تبدو كانها سنة كونية من سنن الله في خلقه فلا ضماد لأي جراح سوي بدواء الحب ولا اعمار في الكون بمعزل عن الحب ، ولا بقاء لأمة من الاندثار في غياهب التاريخ وظلمات الحروب الا بالحب .

ودار حوار موسع بين الحضور والمحاضرة حول ادب السهيل وشعرها وقضايا تخص موضوع الندوة. وكان رئيس الاتحاد قد القى كلمة ترحيبية في بداية الندوة رحب بها بالاديبة سارة السهيل، اضافة الى تقديم التعازي لاسر شهداء الوطن الذي قضوا في عملية امنية في الفحيص والسلط، كما قرأ الحضور الفاتحة على ارواح الشهداء.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;