خبراء في التربية يحذرون من ضرب الأطفال

خبراء في التربية يحذرون من ضرب الأطفال
عقاب الطفل بالضرب والتعنيف بصفة مستمرة على كل كبيرة وصغيرة يرتكبها، وتوبيخه على أتفه الأسباب يحول الطفل الصغير إلى كائن عنيف وعدواني، بل يجعل هذا الأسلوب شخصية الطفل غير سوية، ويصاب ببعض الأمراض النفسية، بالإضافة إلى بعض الأضرار الصحية، التي يمكن أن يسببها الضرب على صحة هذا الطفل، فكثير من الآباء والأمهات نتيجة الوقوع تحت طائلة الضغوط الحياتية المستمرة، أحياناً لا يتحملون كثرة حركة الطفل وطلباته وصراخه، ويبادرون بعقابه على أي سبب.
يتصرف الطفل بتلقائية، ولا يستطيع فهم حالة الأم المرهقة طوال اليوم، وكل هدفه اللعب وتحقيق رغباته وتفريغ الطاقة الزائدة، وهذا من حقه الأصيل في التعبير عن نفسه، ما دامت أفعاله ليس بها نوع من إيذاء النفس، فلا يجوز عقابه بالضرب والتعدي على حقه في الانطلاق والإبداع والاكتشاف والفضول، وهنا يقع على الأهل مسؤولية ضخمة في تربية الأطفال بشكل صحيح؛ لأنه سوف ينعكس على مستقبلهم وسلوكهم، ونقدم في هذا الموضوع بعض الأضرار النفسية والمعنوية والحسية الناتجة عن ضرب الطفل، وللأسف هذه الحالات من المشاكل المنتشرة في المجتمع.
العنف والعدوانية
كلما تعرض الطفل للضرب من الآباء أو الآخرين، أدى ذلك إلى جعله أكثر عنفاً وقسوة مع المحيطين به، ويظهر ذلك جلياً في علاقته بزملائه من الأطفال، حيث يشتكي منه الكثير بسبب حالة العدوانية التي أصبح عليها، وغالباً ما تطلب المدرسة أو الحضانة حضور ولي أمر هذا التلميذ؛ لتبلغهم أن هذا الطفل يتعامل بعنف زائد وعدوانية مع أقرانه من الأطفال، وأثبتت بعض الدراسات الحديثة أن الطفل لا يفهم ولا يدرك لماذا يتعرض للضرب من أمه أو أبيه أو أخيه أو الآخرين؟، ولا يستطيع تفسير ذلك، فهو ما زال في مرحلة النمو العقلي، ولم تكتمل أركان كثيرة في إدراكه لأفعال الآخرين، أو أن الضرب كان لسبب بعض الأخطاء التي وقع فيها، وكشفت دراسة وجود ارتباط كبير بين سلوك العنف في الصغر والعنف في الكبر، بل وجدت الدراسة أن معظم المجرمين الذين يرتكبون الجرائم، كانت لهم حوادث تعرض للضرب في مرحلة الطفولة، ومعاملة تصل إلى حد العنيفة من الآباء.
«التعود على العقاب»
أكدت الدراسات أن الضرب المتكرر للطفل يعزز ويقوي سلوك العنف لديه، ويسري في اعتقاده أنه مادام من حق الأم عقابه بالضرب، فهو أيضاً له الحق في أن يضرب الآخرين، ويقلد أمه بنفس الطريقة والحركة، والخطورة في عملية الضرب أن الطفل يمكن أن يعتاد على هذا النوع من العقاب بعد كل مصيبة يفعلها أو خطأ، ويكتسب مناعة ضد الضرب ولا يخاف من هذا العقاب، ويستمر الطفل في العناد والتمرد وتكرار السلوك الخاطئ، دون أي اعتبار للأم أو مهابة الضرب، بل بعض الأطفال يطالب بالعقاب من الأم بالضرب، كنوع من التحدي، وأن الضرب ليس له فائدة ولا قيمة في تغيير سلوكه، وبالتالي أصبح الضرب لا يفيد في ردع الطفل عن السلوك السيئ، بل يعزز سلوكيات سيئة أخرى، مثل التمرد والتحدي والعناد والعنف والعدوانية وضعف الثقة بالنفس، وفي هذه الحالة يحذر خبراء التربية من التحول إلى إهانة الطفل المعنوية عن طرق بعض الكلمات الحادة، فهذه الطريقة أيضاً سوف تزيد من سوء الموقف، وتجعل الطفل لا يتأثر بالعقاب المعنوي ولا الجسدي.
«ضعف العلاقة بالأم»
يؤدي العقاب بالضرب إلى إصابة العلاقة بين الأم والطفل بالفتور والضعف، فمن الطبيعي أن يقل الحب تجاه الإنسان الذي يضربك، والطفل يشعر بخلل في المودة نحو الأم؛ على اعتبار أنها تسبب له الأذى والألم، وبالتالي تضعف الروابط القديمة القوية بينهما، وتقل متانة الروابط مع العقاب والحرمان من الحنان وعاطفة الأمومة، والبديل هو محاولة الأم تحويل سلوك الطفل بطريقة غير الضرب، عن طريق لفت نظره إلى موضوع آخر، وتحاول أن تنزل إلى مستوى تفكيره، حتى تعرف كيفية التعامل مع المواقف الخاطئة دون عقاب، فهذه الطريقة تقوي من شخصية الطفل، وتؤدي إلى زيادة ثقته بنفسه، دون اتباع أساليب الترهيب والقسوة والضرب والعقاب المستمر، وهناك حالات من الآباء والأمهات يبررون طريقة الضرب والعقاب على أنها إحدى الطرق المتبعة التي تربى عليها الآباء وأتت بنتيجة جيدة عليهم، ويحاولون إعادة هذه الطريقة في التربية على أطفالهم، وهذه الموروثات تعتبر من الأساليب السلبية غير التربوية والخاطئة، فليس الضرب هو الأسلوب الأمثل في التربية وتنشئة الأطفال.
«الفشل الدراسي»
يعمل الضرب على عدم تشجيع الطفل على طلب التعلم، ويصاب بحالة من كتمان وكبت المواهب، وعدم إبداء الرأي والتعبير عن الطموحات، ويرسخ في ذهن الطفل أن الأسلوب الوحيد للنجاح يكون من خلال الضرب والتعنيف، ويسبب الضرب نمو طرق تفكير غير سوية لدى الطفل، فعلى سبيل المثال يتطور لديه اعتقاد أن تحقيق العدالة لا يحدث إلا باستخدام الضرب والعنف والعدوان على الآخرين، ويدفع ضرب بعض حالات من الأطفال إلى محاولة إيذاء نفسه، وربما يفكرون في الانتحار، ويعمل الضرب على كراهية الطفل للتعليم ويسبب فشله، ويصيبه بحالة من القلق والتوتر والخلل النفسي، ويقضي على روح التفكير والإبداع، ويقود الطفل إلى الخوف والجبن وقتل الشجاعة لديه، ويهز الضرب ثقة الطفل بنفسة، ويجعله يميل إلى الخجل والانطواء والبعد عن الناس والانعزالية، ويلجأ الطفل إلى الكذب والنفاق والخداع هروباً من عقاب الضرب، وبعض الأطفال ينحرف نتيجة الضرب والإهانة المستمرة، ويساهم الضرب في حدوث بعض حالات التفكك الأسري، ويمكن أن يشجع الطفل على ترك المنزل والهروب؛ بسبب هذا العقاب.
«سلوك إرهابي»
حذر خبراء التربية من معاقبة الأطفال بالضرب على أيديهم؛ لأنه يؤثر في صحة الطفل النفسية، ويزيد من السلوك العدواني العنيف، ويصبح أكثر اندفاعاً ويميل نحو الانعزال، بل أكدوا أن الأطفال الذين يتعرضون للضرب على أيديهم بصفة مستمرة، ترتفع لديهم احتمالات أن يكون سلوكهم إرهابياً عند الوصول إلى سن البلوغ، والأفضل أن يمنح الطفل بعض الوقت للتفكير بما فعله، واتباع سلوك التعزيز الإيجابي قبل تأديبه، وذكرت الدراسات أن ظاهرة ضرب الأطفال على أيديهم يمكن أن تكون حلاً ناجحاً على المدى القريب، ولكنه مع مرور الوقت يصبح غير مؤثر، بل ينتقل إلى مرحلة الضرر، والسبب أن الطفل الذي يتعرض للضرب على اليد، سوف يترسخ لديه أن العنف الجسدي من الوسائل المقبولة في حل بعض المشكلات.
«الغدد الصماء»
يقوم جسم الطفل بإنتاج مادة الأدرينالين في حالة العقاب بالضرب، بكميات كبيرة وزائدة على المعدل الطبيعي، وذلك نتيجة الخوف الشديد من العقاب البدني وحالة الغضب، وكلما تكرر العقاب حدثت هذه الحالة، ما يؤدي إلى حدوث خلل فــــي توازن الغدد الصماء بعد فترة من الزمن، وفي بـــــعض الحالات لا تستطيع الغدد الرجوع إلى حالاتها الطبــــيعية السابقــة، وينعكس ذلك على الطفل فيُصبح أكثر عرضة للغضب، ويفشل في السيطرة على الانفعالات وتزيد نوبات العنف، وبعض الأمهات يعتقدن أن ضرب الطفل في بعض المناطق بالجسم لا تسبب أي أضرار، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ؛ فكل مكان في الجسم يتأثر بالضــــرب ويســـبب مضاعفات، فمثلاً ضرب الطفل علـــــى الوجه يؤدي إلـــــى قـــــتل أكثر من 400 من الخلايا العــــصبية بالــــــــمخ، والعـــكــس إذا مسحت الأم على رأس طفلها يساهم ذلك في خلق خلايا جديدة بالمخ، ومن المضاعفات التي يسببها العقاب بالضرب هي التأخر في الكلام، ويمكن أن يصــــاب الطــــفل بالإغــــماء، ويقوم الطفل من النوم مفزوعاً، ويصاب بالخوف والاكتئاب، وتحدث له حالة التبول اللاإرادي.
«الحقوق الأساسية»
أصدرت الأمم المتحدة تقريراً بمنع ضرب الأطفال على أيديهم في كل الأماكن، بما فيها المنازل، وذلك المنع تم بشكل قانوني، وحثت المنظمة في تقريرها على تشجيع طرق العقاب غير العنيفة، وطبقاً لتعريف الأمم المتحدة لمرحلة الطفولة، وبعض المنظمات الدولية الأخرى المعنية بشؤون الطفل، إن مرحلة الطفول تبدأ من عمر يوم واحد للمولود، وتستمر إلى أن يصل الصغير إلى السن القانونية، وهي تختلف من دولة إلى أخرى، وتتراوح من 16 إلى 18 سنة، وهي سن البلوغ والرشد، وفي بعض المناطق يصل إلى 21 عاماً، وتشير هذه المنظمات إلى أن الطفل في هذه المرحلة له حقوق كثيرة يجب الحفاظ عليها، ومنها حقه في الرضاعة، والغذاء، والرعاية، وتوفير وسائل اللعب والمرح، وإعطاؤه الحرية للتعبير عن رغباته، وتفريغ طاقاته، والتحاقه بالروضة والمدرسة، وتلبية متطلباته، وتهيئة بيئة آمنة، وجو معيشي طبيعي، وعدم التفرقة بين الصغار، وبث السعادة والطمأنينة في قلبه، ولا يجوز سلب هذه الحقوق وغيرها، من الاحتياجات الطبيعية للطفل في هذه المرحلة العمرية المهمة في حياته، التي تتشكل فيها شخصيته ونظرته عن الحياة، وتعد من المراحل الحساسة للغاية التي تؤثر في وجدانه، وتنطبع في داخله، وتؤثر في سلوكاته من حيث العنف والعدوانية.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;