نظَّم مجلس حكماء المسلمين، من خلال مكتبه الإقليمي في آسيا الوسطى، جلسة نقاشيَّة رفيعة المستوى بعنوان «الإعلام وصحافة السَّلام في عصر الذكاء الاصطناعي» في مدينة تركستان؛ بمشاركة مسؤولين حكوميين وأكاديميين وخبراء في الإعلام والتقنيات الرقميَّة، وذلك في إطار جهود المجلس لتعزيز ثقافة السَّلام وترسيخ أخلاقيات العمل الإعلامي في العصر الرَّقمي، وذلك بالتعاون مع مجلس الشيوخ بجمهوريَّة كازاخستان، والمركز الدولي للحوار بين الأديان والحوار بين المذاهب، وجامعة خوجة أحمد يسوي الدولية الكازاخية التركية .
وافتُتحت الجلسة بكلمة السيد دارخان كيديرالي، عضو مجلس الشيوخ بجمهورية كازاخستان والمشرف العام لمكتب مجلس حكماء المسلمين في آسيا الوسطى، الذي نقل رسالة تهنئة من معالي مولين أشمباييف، رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية كازاخستان، أكَّد فيها أهمية استضافة إقليم تركستان وجامعة خوجة أحمد يسوي لهذا الحدث، مشيرًا إلى رمزيَّة عقد اللقاء في المدينة التي انطلقت منها «لغة الخير والسلام – لغة يسوي»، مضيفًا أنَّ صحافة السَّلام تمتد إلى معالجة القضايا الاجتماعية بإنسانيَّة ومسؤولية، ومحذِّرًا من مخاطر التضليل والتحريض العاطفي في عصر الذكاء الاصطناعي .
ومن جانبه، رحَّب يلتاي ألتايف، نائب عمدة إقليم تركستان، بالمشاركين، مشيرًا إلى أنَّ التطور الرقمي أعاد تشكيل بيئة الإعلام وغيَّر من سرعة تدفق المعلومات، مؤكدًا أن جامعة يسوي أصبحت مركزًا مهمًّا للتطوير التكنولوجي والتَّدريب على الذَّكاء الاصطناعي، وأن قسم الصحافة فيها يواصل إعداد كوادر قادرة على التَّعامل مع المشهد الإعلامي الجديد .
كما أكَّدت البروفيسورة الدكتورة جنار تيميربيكوفا، رئيسة جامعة خوجة أحمد يسوي الدولية، أنَّ موضوع الجلسة يتكامل مع اختصاصات أكاديمية عدة داخل الجامعة، موضحةً أن كلية الهندسة تطوِّر مشروعات متقدِّمة في الذكاء الاصطناعي، في حين يقدِّم قسم الصحافة أساسًا مهنيًّا للإعلام المسؤول، مشيرةً إلى أن تعزيز قيم السلام يعكس التراث الروحي لخوجة أحمد يسوي .
وأوضح ناجي غينتش، ممثل القائم بأعمال رئيس الجامعة، أنَّ التكنولوجيا الحديثة «تشبه الطفل المتمرِّد الذي يصعب التنبؤ بسلوكه»، مؤكدًا أن الدين والقانون والعلوم الاجتماعية تعمل على ضبط مسار التطور التكنولوجي، موضحًا أهمية الحد من مخاطره بدلًا من محاولة إيقافه، مشيرًا إلى الدور المحوري لمثل هذه اللقاءات في توعية الشباب .
وأكَّد عبد النعيم سيد موخامَّد، المشرف على المكتب الإقليمي لمجلس حكماء المسلمين في آسيا الوسطى، أن تنظيم هذه الجلسة يعكس التزام المجلس بنشر قيم السلام، وترسيخ أخلاقيات الإعلام، ومواجهة خطاب الكراهية، وتعزيز بيئة إعلامية مسؤولة في المنطقة .
وقدمت جاناغول توليميس، مستشارة وزير التعليم، عرضًا حول حماية الأطفال عبر الإنترنت في إطار مبادرة «أطفال كازاخستان على الإنترنت»، مؤكدة على أهمية الوعي الرقمي والتربية الإعلامية. وتناول البروفيسور بيروني عليموف، من جامعة أوزبكستان الحكومية للغات العالمية، التحديات الأخلاقية التي يطرحها الذكاء الاصطناعي في الإعلام، مشيرًا إلى دوره في كشف المعلومات المضللة بسرعة، ومستعرضًا جهود تطوير معايير الشفافية والممارسات المسؤولة، إضافةً إلى تقدم أوزبكستان في صياغة إستراتيجيتها الوطنية للتربية الإعلامية .
كما أشار إرلان جونيس، رئيس تحرير صحيفة «آنا تيلي»، إلى أن المحتوى المنشور على منصات التواصل الاجتماعي أصبح مرآةً للمجتمع، وأنَّ كل فرد بات جزءًا من الفضاء الإعلامي سواء كمنتجٍ أم مستهلك، مما يضاعف المسؤولية الجماعية في تعزيز بيئة معلوماتية إيجابية .
وفي ختام الجلسة، أكَّد المشاركون أهميةَ تعزيز التعاون بين المؤسسات الإعلامية والأكاديمية والدينيَّة، وتطوير أدواتٍ عملية لدعم صحافة السلام، والتصدي للتضليل الرقمي، وترسيخ قيم التعايش والاحترام الإنساني في المجتمعات .