لست بخير دائمًا.. وهذا لا يقلل مني

لست بخير دائمًا.. وهذا لا يقلل مني

نحن بشر، حياتنا تمر بالكثير من المراحل والمشاعر المتغيرة في كل وقت؛ منها القوة ومنها الضعف، وهذه طبيعة الحياة بشكل عام. نختلف أو نتفق مع كوننا متغيرين، ولكن لا مجال للاختلاف بمراحل الضعف في حياتنا أو أن الحياة تبتسم لنا طوال الوقت؛ فلابد أن نعترف أننا لسنا بخير دائمًا، وهذا لا يقلل منا، ولا يقلل من شأننا، ولا من مكانتنا في يوم من الأيام.

نحن في المجتمع العربي نفرض على أنفسنا أن نظهر بالصورة القوية باستمرار، وكأننا جماد لا يشعر ولا ينتمي لبني البشر يومًا، أو أداة لا بد أن تنهي ما يجب عليها إنهاؤه. ونشد أذرنا بكلمات تشجيعية زائفة، ونقول لأنفسنا: "شد حيلك، وأجمد، لسه بدري.. ماينفعش تضعف دلوقتي.. بكرة تحلو.. انسى وهتعدي.. كله عادي، اتحمّل"، ونسينا أننا بشر. ونتذكر هذا، ونحن ندرك لحظة انكسارنا فجأة وبدون سابق إنذار، وما كانت تلك الكلمات إلا مسكنًا لنستمر في سعينا والبحث الدائم وراء القوة.

القوة الحقيقية ليست في عدم السقوط، ولكنها تكمن في القدرة على الاعتراف بالسقوط والنهوض مرة ثانية. فالضعف جزء من التوازن النفسي، وليس علامة عجز. يجب علينا التفرقة بين التشجيع الحقيقي وبين تجاهل الألم؛ لا تتجاهل الشعور بالألم، وعبّر عنه لكي لا تسقط في بئر التعاسة الأبدية والسعي المستمر وراء القوة وكأنك آلة أو جهاز مبرمج ضد الألم.

فلحظات الانكسار التي نمر بها، نتعلم منها الكثير، ولم نستطع أن نتعلمها ونحن في مركز القوة دائمًا. هذه ليست دعوة للانكسار، ولكنها دعوة لفهم أنفسنا وإعادة هيكلة حياتنا، وتذكر أننا بشر نضعف ونقوى.

تقبّل نفسك كما أنت؛ لست مضطرًا أن تكون قويًا طوال الوقت، ولا أن تكون بطلًا خارقًا في كل حين. عليك أن تكتفي من جلد ذاتك، وأن تلين مع نفسك بعض الشيء؛ فأنت أهم من في الحياة بكونها. يجب عليك أن تسمح لنفسك بالحزن لترتاح، واطلب المساعدة من الآخرين؛ فأهمية وجود بعض الأشخاص في حياتك مهم جدًا، أشخاص ليسوا بقضاة على حياتك يحكمون ويتحكمون. وهذا يعلمك أن تكون أنت أيضًا لهم مصدر الأمان في بعض الأوقات، لأن ببساطة، كلنا معرضون للحظات الضعف.

يجب علينا دائمًا أن نتذكر أننا بشر ولسنا آلات، وكل لحظة ضعف تقربنا إلى أنفسنا أكثر. قف مكانك للحظات، وتمكن من النظر إلى حياتك ومراجعتها، ولا تستخدم المسكنات التي تجعلك تنهار فجأة وبدون سابق إنذار. اترك للضعف بابًا، واجعله مواربًا بعض الشيء، لكي تتمكن من استمرار سعيك دون انهيار. وقبل فوات الأوان، قل دائمًا وقت لحظات ضعفك: "إنني لست بخير الآن، وهذا لا يقلل مني، وهذه الفترة ليست إلا لحظات وستمر، وسأعود بمنتهى القوة قريبًا جدًا".

الكلمات المفتاحية

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التعليقات

ضعي تعليقَكِ هنا

التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;