إلى راحلٍ لم يرحل إلى على مبروك

إلى راحلٍ لم يرحل إلى على مبروك

قرأتهُ عدةَ مرات وسمعتهُ عدة مرات وأدعو كلَ الراغبين فى معرفةٍ حقيقيةٍ بعيدةٍ عن التزييف إلى قراءته وسماعهِ لم نلتقى لحماً ودماً ولم تتصافح يدانا كان فقط لقاء الضوء عبر الشاشاتِ الإلكترونية وكانت سعادتى غامرة كلما مرر لايك على أحدى قصائدى وكانت زوجتى تداعبنى على فقر ما أناله من لايكات مقارنةً بها وهى نجمه على الفيس فكنت أرد يكفينى لايك على مبروك وفى يومٍ تاريخى بالنسبةِ لى فاجأني برسالة على الإنبوكس يثنى فيها على ما أكتب فكدت أسقط مغشيا علىَّ من الفرحة فأنا أدركُ قيمتهُ ومقامه كمفكرس مبدعٍ وبديع وصاحب مشروع خضارى وإنسانى مهم
كتبت له مرثية طويلة لحظه الفقد لكن إحساس الفقد داخلى لا يخفت بل يزدادُ توهجا كنارٍ مقدسه سأكتب له قصيده جديدة وسأعيد نشر القديمة
ألامُ الفقدِ
هذا الفراغُ اللانهائى
لا يحتوى فقدانكَ يا علىِّ
فكيف لقلبى المسكين أن يحتمل
يا فقيدَ المعرفةِ والكشف
يا فقيدَ الحلمِ والحبِ والأمل
والعقلِ والعدلِ المعتزلى
يا فقيدَ البشريةِ يا علىِّ
يا وردةً قُطعت فى ريعان الشبابِ
يا مشروعاً لإكتمالِ الضوء لم يتم
ما أفدحَ الخسارةِ يا علىِّ
يا قلبٌ يحتوى الأفلاكَ والأطياف
يا قلبُ إبن عربى
كم كنتَ بارعاً فى فكِ القيودِ
وحصارُ الظلامِ يسود
وعناكبُ الزيفِ تسحقنا وتقود
من للضوءِ بعدكَ يا علىِّ
صفوت موسى
وإلى مرثيةِ الرحيلِ المزلزل
مرثية إلى التنوير والإنسانية
إلى على مبروك
ها هى الأهرامات تطفىء أنوارها
والقلعةُ والأوبرا معها
يلبسون ثوبَ الحدادِ على رحيلكَ
لم يكن لذلك علاقةٌ بتوفير الطاقةِ
ولا بالعولمةِ والمناخ والقوانين الدوليةِ
لكنهم يتظاهرون بذلك
خوفا من ديناميت الدواعش ومعاول الوهابية
والنفط يسقينا كل صباح
من الشهوات والجهل أقداح وأقداح
لم يُقطعُ إرسالَ التلفازِ ليعلنَ الخبرَ
ولم يذكر فى الشريط المكرر
ولم يعلنُ الحدادُ فى البلادِ سنواتٌ طويلةٌ
لو كانوا يعرفون قدرك يا علىِّ
ويدركون فداحةَ الرحيل
لكانَ قطفُ الورودِ قد إنتهى فى سيناء
وإختفت النعوشُ التى تأتى من هناك صباح مساء
فى زمانٍ تضخمت فيه الأجسادُ على الرؤوس وطغت
وأذلتها وجعلتها تسيرُ فى خدمتها
حتى أصبحنا نمشى على رؤوسنا يا علىِّ
وأقدامنا فى الهواء ونعيشُ كامل الهذيانِ والمأساةِ 
ونستكشفُ السماءَ لا بالعقلِ ولا بالوجدانِ
بل بالغباءِ والشهواتِ والأعضاءِ
وعلى أتفهِ الأمورِ تزهقُ الأرواحِ وتسيلُ الدماءِ وتتفحمُ الأجسادُ
وما فى رأسكَ يا علىِّ يستنزف ألف جسدٍ
ويخرجُ الدماءَ من رتابةِ الدوران
والنبضَ عن إنتظامه
من بعدك يعرى الأقنعةَ يا علىِّ
ويردم المسافاتِ بين الحنابلةِ والأشاعرةِ
من يزلزلَ أقدامَ أصنامِ الظلامِ التى لم تموت
كلما تضربها أضواءُ التنويرُ
تعودُ مدعومةً بالنفطِ وبالبنكنوت
الأن هم فرحون سيسدون ما أحدثت من ثقوب
ويسوُّقونَ الثوبَ البالى حتى تتراكمَ الثرواتُ تمتلىءُ الجيوب
حتى تصبح أيادى الكهنةِ من يحتكرون ويجمدونَ النصوص
أنعمَ من خدودِ العذراواتِ
لكنك وضعتَ علامتك فوقها يا علىِّ
وأضأت عقولا تستطيع كشفها وتكملُ الطريق
ستظلُ عيناك تومضان بهذا البريق
الساحر الأبدى بريقكَ يا علىِّ
كانوا يعدون لك السجونَ
فتركتهم سجناءَ ذواتهم وجشعهم
وتحررت وإنتصرت
أصبحت نجما فى سماءِ الكونِ
ستعود حتماً يا على
حتى تفردَ الكلماتُ أجنحتها إلى أخر المدى
ستعودُ صرخةُ النورِ فى الصوتِ و الصدى
ستعودُ حتى تتمردَ الأمواجُ على جذرها 
ستعودُ كما كنتَ دائما لنحيا معا يا علىِّ
على حافةِ البركانِ
لست حزيناً على الموتِ
فهو والعقلُ أعدل الأشياء قسمةً بين الناسِ فى هذا الوجود
ومثلك يا علىِّ لا يموت
لستُ حزيناً على الرحيلِ
فهو قدرٌ عليك وعلينا يسود
وسيظلُ وجهك يطلُ علينا بين الكلماتِ
ولكن يا أبا إياد
لماذ كان الرحيلُ مبكراً فى منتصفِ الطريق
ومن بعدك يعلمنا الصمودَ والصدقَ والعناد
أنفطرت عليك قلوبُنا وقلبُ البلاد
هل قهرتك أساطينُ الجهلِ فأثرتَ البعاد
لكننى سيقتلنى الحزنُ كلما أنظرُ فى وجهك
فتصلبنى حبائلُ الطيبةِ والنبل
كلما أنظرُ فى عينيكَ اللتين يفتحان أبوابَ المنارةِ
وأندهشُ كيف يجمعانَ النهرَ والبحرَ
كل هذه الرقةِ والعذوبةِ
وكل هذه المرارةِ

 

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;