رئيس الجمهورية وماسح الأحذية

رئيس الجمهورية وماسح الأحذية
فى دولة من ضمن الدول الصغيرة كان بها رئيس جمهورية متواضعا وعادلا وكان دائما فى كل لقاءاته الإعلامية يدعو إلى نصر الحق على الباطل وكان دائما يحرم نفسه من أشياء كثيرة حتى يستفيد بها شعبه حتى لا يترك لهم أى مشكلة وتصبح هذه الدولة رغم صغر حجمها مليئة بالخير وتعتمد على مصانعها وإنتاجها فكان دائما رئيس هذه الدولة يحسهم بأنه قريبا منهم فى كل لحظة حسب ما كان يقول دائما لهم فى لقاءاته التليفزيونية أنه يمتلك حكومة متزنة تعيش معكم لحظه بلحظة وتنقل لى صور حية عن أحوالكم وعن الخير الذى تعيشون فيه وأنه يثق فى هذه الحكومة ثقة عمياء فكان دائما يطلب منهم التواضع والقناعة فى كل الأشياء ليخلق بداخلهم القناعة التى تمنع دخول الطمع داخلهم هذا ما كان رئيس الدولة يقوله فى كل أحاديثه بناءا عن الصورة التى كانت حكومته تعرضها عليه.
وفى يوم من الأيام طلب رئيس الجمهورية من رئيس حكومته إن ينظم له زيارة للبلاد التى يحكمها ليرى ما هى أحوال الشعب بدأ رئيس الحكومة بترتيب كل ما يخص هذه الزيارة وعندما كان يسير فى زيارته رئيس الجمهورية فرأى شابا يقف بعيدا عن الناس وعلى كتفيه صندوق ومنفردا بنفسه ويبكى فأمر رئيس الجمهورية من معه بإحضار هذا الشاب وعندما سأله ما بك قال له الشاب بداخلى حزن كبير لا يعلمه الا الله وسوف أقصه عليك ولكن على إنفراد فوافق رئيس الجمهورية وقال لهذا الشاب سأنتظرك بالقصر وعندما ذهب هذا الشاب للقصر وقابل رئيس الجمهورية فقال له يا سيادة الرئيس أنا الحزن الذى بداخلى له عدة أسباب أولها وفاة والدى وعندما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة كان يدعو لك وعليك فقال له رئيس الجمهورية لماذا كان يدعو لى ولماذا كان يدعو علي فقال له الشاب والدى دعا عليك عندما كان يراك ويسمع كل أحاديثك الغير صحيحة فكان دائما يقول فى دعائه لو الرئيس يعلم حقيقة القهر والعذاب اللى شعبه عايش فيه وهو يقول هذا الكلام ويضلل الحقيقة على وسائل الإعلام يبقى حسبي الله ونعم الوكيل فيه ولو هو فعلا طيب ومتواضع وبداخله الخير الذى يتحدث عنه دائما فليوفقه الله ويكشف عنه الغمة ليعرف حقيقة شعبه التى زيفتها له حكومته
فقال الرئيس للشاب وما هو السبب الآخر :
قال الشاب هو أنا وكل الشباب مثلى الذين تحطمت حياتهم وضاع مستقبلهم لعدم الحصول على وظيفة مناسبة حتى وصل بى الأمر وأنا خريج جامعه أن اعمل ماسحا للأحذية فقال له الرئيس وأين المشروعات التى تتحدث فيها حكومتى فعندما اذهب لافتتاح مشروعا ما كانوا دائما يتحدثون فى فرص العمل الكثيرة التى تتوافر من هذه المشروعات فقال له الشاب ماهى الا مشروعات خياليه ليشاهدها الجميع ثم يستثمرها رجال الأعمال لمصالحهم الشخصية ولذويهم وأقاربهم أما نحن فليس لنا مكان بهذه المشروعات.
فقال له رئيس الجمهورية حدثنى عن سببا آخر لحزنك قال له الشاب هو أننى رأيت وسمعت أناس تتحدث عنك بأسلوب غير لائق بسبب إهمال الحكومة لهم من ناحية العلاج والمستشفيات والتعليم وغلاء الأسعار فعندما يشاهدونك تتحدث يغضبون من حديثك ويتحدثون بألفاظ جارحه ويرفعون أيديهم إلى السماء يدعون عليك وعلى حكومتك فعندما وجدتك حزنت لأنك لا تستاهل سوى كل خير فسأله رئيس الجمهورية ولماذا أنت الوحيد الذى أحسست بذلك فقال له الشاب انا ماسح أحذية ولى اختلاط بكل الطوائف ويجلس فى الشوارع والمؤسسات والإدارات الحكومية فعلمت بأنك ستزور منطقتنا منذ إسبوع لأننى وجدت كل مسؤليين المنطقة على قدم وساق يرتبون الطرقات ويتقربون للأهالى ويسعون لمساعدتهم والانتهاء من مشاكلهم فوجدت منطقتنا فى مرحلة جماليه غير مسبوقة وكل هذا بسبب زيارتك لنا ففى هذا الوقت أحسست بأنك لا تدرى اى شيئ عن حقيقة شعبك بسبب الصورة المزيفة التى تصلك من حكومتك .
فقال رئيس الجمهورية لهذا الشاب ماذا يقول الشعب عنى أفصح ما بداخلك.
قال له الشاب انك تجلس فى قصرا وهم يسكنون فى منازل قديمة مهيئة للسقوط وأنت تلبس أحسن الثياب وهم يلبسون القديم وتأكل نظيفا وهم يأكلون الأكل ملوثا وأنت تمرض ثم تعالج فى أحسن المستشفيات وهم لا يجدون العلاج ولا يتحصلون على ثمن العلاج وقالوا أيضا إن كل ما تتحدث عنه بالوسائل الإعلامية ما هو إلا حديث مؤلوف يسرح بهم إلى عالم الخيال وعندما يستيقظوا من غفلتهم يتحدثون مع بعضهم البعض وكل كلامهم عن أحاديثك بالإعلام وعن السحر فى كلامك الذى لا يتحقق ويكتشفوا إن يوما بعد يوم وعاما بعد عام لا يتغير من الأمر شيئ وتستمر حالتهم كما هى لا تتقدم ولا تتطور فنظر رئيس الجمهورية إلى هذا الشاب وماذا عن أحزانك الباقية نظر إليه الشاب وقال له كنت أظنك تواسينى وتعزينى عندما قلت لك إن والدى توفاه الله قبل زيارتك لمنطقتنا بيوم واحد فقط لأنك يا سيادة الرئيس قد إنشغل بالك بالأمر الذى يخصك فقط ولهذا كيف تكون رئيسا لدولة وأنت لا تشعر بشعبها وان تشاركهم أحزانهم كثيرون يموتون فداءا للوطن ولن نجد منك أى أعانة لذويهم أو أى مساعدة من خلالكم أهذه هى المبادئ التى تتحدث عنها كثيرا من خلال وسائل الإعلام ولهذا الحين تتساءل سيادتكم ما يحزننى ألم تعلم إن أبى توفاه الله وهو غاضبا عنك لأنه أثناء مرضه لن نستطيع توفير العلاج وتتساءل ماذا يحزننى وسيادتكم تزعم بأنك حاكما عادلا وانك توفر كل الأشياء لشعبك من أين جاءت هذه الثقة العمياء لمن ينقلوا إليك هذه المعلومات إن شعبك يعيش سعيدا ومرتاحا دون مشاكل
قال له رئيس الجمهورية يأتى إلي تقرير كامل عن الشعب وعن ما يحدث بالدولة وكل التقارير تنص على إن الشعب متوفر له كل الأشياء فقال له الشاب هل نظرت بأعينك أم بأعين حكومتك فقال له رئيس الجمهورية لماذا أرى بعينى الشعب هل سأذهب لكل منزل من منازل الشعب حتى أرى كيف يعيشون وكيف حالهم وما دور الحكومة حين ذاك أنا لا أستطيع ان افعل ذلك .
نظر إليه الشاب وقال له هل تثق بى
فقال له رئيس الجمهورية إعطنى ما عندك من أفكار
قال له الشاب سوف أصاحبك لمكان يتجمع فيه اقل فئات الدولة وستعرف منهم كل الحقائق فهم لا يعرفونك إلا سمعا فقط لأنهم لا يهتمون بوسائل الإعلام المزيفة التى تبعدهم عن الحقيقة .
فقال له رئيس الجمهورية أننى سوف أذهب معك وأغير من شكلى قال له الشاب ليس تغيير الشكل فقط انما التغيير لابد إن يكون فى كل ما يتعلق بذاتك ومن أهمها إن تنسي أنك رئيسا للجمهورية وأنك تتنكر فى شخصية متوسطه كمواطن عادى ولعلم سيادتكم فعليك أن تعى إن فى هذه الحالة لابد إن تبتعد عن الرسميات لابد إن تكون بالفعل مواطن عادى تسير معى وتجلس معى فى أماكن تجمعات ابسط الناس لترى ماذا يقولون عن معيشتهم وعن أخبار البلد سياسيا وإقتصاديا.
نظر إليه رئيس الجمهورية وقال له لماذا أنت ملم بكل هذه المعلومات فقال له الشاب أن ماسح الأحذية هو أفقر الناس وأغلبهم وهو أقرب للناس وهو أكثر إنسان يستمع لمشاكل الناس عندما يجلس بجوار القهاوى بصندوقه أو داخل المؤسسات الحكومية فهو يرى كل ما يحدث بين المواطنين من أحاديث عن السياسة وعن المعيشة فهكذا عرفت كل هذه المعلومات ورأيت الحقيقة التى تخفيها حكومتك وإعلامك عنها
لحظة التفكير لرئيس الجمهورية صعبه جدا وخصوصا القرار الذى سيأخذه للخروج مع هذا الشاب لتفقد أحوال الشعب فالاختيار صعب فكيف يقوم بعمل ذلك وكيف يتصرف ثم صمت صمتا رهيبا وطلب من الشاب ان يذهب إلى بيته ويأتيه فى الصباح ويتركه حتى يأخذ قراره ذهب الشاب تاركا رئيس الجمهورية حتى يلتقي به بالصباح وعندما جلس رئيس الجمهورية وحده جلس يفكر كثيرا فى هذا الأمر فأرسل لرئيس حكومته بعمل اجتماع طارئ لمناقشة التقارير الخاصة بالدولة وعندما بدأ الاجتماع طلب منهم التحدث عن المشاكل التى تواجه الشعب فكان حديثهم واحد إن الشعب يدعوا لك وجمعيهم سعداء بسيادتك ولا ينقصهم سوى رؤيتهم لك والحديث معك ليشكروك عن خدماتك وتوفير كافة متطلباتهم لهم فوافق رئيس الجمهورية على تنظيم مقابله مع الشعب لمقابلتهم ولرؤيتهم حسب ما طلبوا منه حكومته وفى اليوم الثانى ذهب إليه الشاب ليرى ما هو قرار رئيس الجمهورية له وهل سيوافق على الذهاب معه وهو ماسح أحذية و شخصية فقيرة مثلى وعندما دخل و سأل رئيس الجمهورية هل سيادتكم أخذت قرارا بهذا الشأن الذى تحدثنا فيه بالأمس فقال رئيس الجمهورية لهذا الشاب اتركنى بضعة أيام وسوف أرسل لك لتأتى فأنا حاليا إلى هذه اللحظة لن أأخذ قرارا بشأن هذه الحالة ثم تركه الشاب وذهب إلى بيته وهو يشعر بخيبة أمل وأن الذى يخطط له سوف يفشل فيه.
رئيس الحكومة أتى إلى رئيس الجمهورية وأتفق على الميعاد المنتظر لمقابلة طائفة من طوائف الشعب يمثلون الشعب بالكامل وعندما ذهبوا للمكان المحدد ودخل رئيس الجمهورية إلى قاعة الحضور وجد هذه الطائفة تتغنى بقدومه داخل القاعة ولن يظهر عليهم علامات الفقر والجوع والحرمان وعندما سأل رئيس الحكومة أين الشعب الذى سوف أتحدث معه فقال له رئيس الحكومة هم من يتكلمون ويتحدثون بلسان الشعب لأنهم اقرب منا للشعب وهم أيضا من يمثلون الشعب فجمعنا من كل منطقة ممثلا للشعب فطلب منهم الحديث عن مشاكلهم ومشاكل الشعب فالجميع اجمع إن الشعب سعيد جدا وراضى عن الحياة التى يعيشها وأنهم سعداء بأنك رئيسهم على الفور أنهى رئيس الجمهورية المناقشة واللقاء وأمر باستدعاء الشاب إلى القصر وعندما أتى إليه الشاب تحدث معه رئيس الجمهورية عن هذا اللقاء وقال له عن ماذا دار وحدث من الأطياف التى كانت حاضره لهذا المؤتمر فقال له الشاب لقد رأيته وأنا جالس بالقهوة من خلال شاشة التلفاز فسأله رئيس الجمهورية وماذا كان رد فعل الموجودين قال له الشاب لقد انتحر شابا فى ذلك اللحظة عندما رأى كمية التطبيل وعدم الإحساس بنا والتمثيل إمام سيادتكم ببعض المأجورين ليتحدثون عنا إمام سيادتكم فقال له رئيس الجمهورية سوف أذهب معك وأنتظرنى غدا خارج القصر وسأذهب معك أمر رئيس الجمهورية حراسه بعدم إتباعه لأنه يريد الذهاب لمكان ما بمفرده ثم خرج من قصره واخذ الشاب وذهبوا سويا إلى منزل الشاب فوجد أم هذا الشاب مريضة وطريحة بالفراش وعندما دخل عليها تحدث معها وقال لها الم تعرفيننى قالت له لا فقال لها أنا رئيس الجمهورية فابتسمت وقالت له أتريدنى أكرهك قبل أعرفك فقال لها رئيس الجمهورية ولماذا تكرهينني قالت له لأنك شبهت نفسك بقاتل زوجى وسبب مرضى وموت الشباب فحزن رئيس الجمهورية وقال لها أنا لن اسمع هذا الكلام من قبل ونظر إلى الشاب وطلب منه الخروج من غرفة أمه والجلوس بالخارج .
فخرج له الشاب وقال له لا تغضب من حديث أمى فقال له الرئيس لن اغضب منها ولكننى حزنت على نفسي عندما شاهدت امرأة عجوز مريضة بالفراش تكرهنى بهذه الصورة التى لن أتوقعها من قبل فكنت أظن أن الجميع يدعو لى ويحبنى إنما الآن أصبحت مكروها وظالما بسبب ثقتى بحكومتى وعدم تقربى إلى الواقع الذى أنا غائبا عنه.
قام الرئيس وخرج من بيت الشاب ماسح الأحذية ليتفقدوا الشوارع وحالة الشعب على طبيعته ووجد ما لا يتوقعه من متاعب وأحوال غريبة لن يسمع عنها من قبل بل أكتشف تدهور حال البلاد التى كانت حكومته وإعلامه يغلقون إمامه ستائرهم على هذه الأحداث المؤسفة .
عاد رئيس الجمهورية إلى قصره وأعلن عن اجتماع طارئ للحكومة وأثناء الاجتماع طلب من كل مسؤل أن يتحدث عن أعماله وعن الايجابيات والسلبيات فكان رأى الجميع واحد إلا هو لا يوجد سلبيات بالدولة فعرض عليهم الرئيس قصته التى عاشها بضعة ايام مع ماسح الأحذية الذى اكتشف من خلالها حقيقة الإحداث التى يعيش فيها شعبه .
فطالب الرئيس من الحكومة بتقديم استقالتها وأمر بتحويلهم إلى القضاء للتحقيق معهم عن التقصير فى عملهم والتقصير فى حق الشعب كما طلب السيد الرئيس بوقف كل القنوات الإعلامية التى كانت تزيف الحقائق إرضاءا للحكومة.
ثم قام بتشكيل لجان هو رئيسها وأعضاءها من الشباب المتميز للبدء فى عمل البنية التحتية لجميع المشروعات على ان تكون تحت إشراف ومسؤولية الشباب المتميز .
كما أمر الرئيس بإلغاء كل الأحزاب التى تزعم أنها تتحدث فى السياسة فيحدث حوارات مختلفة لا تمس الواقع بشيئ
كما امر الرئيس بعمل مراقبة داخلية على كل السلع والمحلات والمصانع لضبط أسعارها ولكفاءة جودتها .
وأمر الرئيس بعمل صندوق تبرعات من القادرين لتوفير العلاج بالمجان ولتطوير المستشفيات .
ثم أمر الرئيس بمنع ووقف الدروس الخصوصية والاهتمام بالمناهج الدراسية من خلال وزارة التربية والتعليم .
كما طلب الرئيس إجبار القضاء بالحزم فى القوانين . وسرعة الأحكام والتنفيذ للحد من القتل والاغتصاب والخطف والبلطجة .وجبروت التجار بسبب رفع الأسعار.
كما طلب الرئيس بالاعتماد على الشباب والاستفادة بطاقتهم نحو تنفيذ المشروعات الصغيرة والكبيرة.
فرض الأسلوب الأمنى لحماية منشآت البلد وحماية الشعب من أى مخاطر ومعاقبة المقصرين فورا وإتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
ثم قام الرئيس بتكلفة الحكومة الجديدة بعمل تقارير بصفة مستمرة لمراقبة كل المؤسسات والعمل على توفير الأمان وتحقيق العدالة الاجتماعية بين طوائف الشعب.
هذا السرد من الخيال مثلما قولت مسبقا فى البداية ولكن يوجد بها دروس كثيرة أكيد أثناء القراءة ستجدون ما هى هذه الدروس.
فالعلامة المميزة لهذا المقال هو الشاب ماسح الأحذية البسيط الذى كان وجوده نقطة تحول كبيرة لرئيس الجمهورية ناحية شعبه ودولته.
 
 

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;