ولد محمد صلاح الدين عبد الحكيم طاهر شريت بقرية ريفا التابعة لمركز أسيوط في 8 فبراير 1938م. عائلة شُريت عائلة عريقة نزح الجد الأكبر من الجزيرة العربية واستوطن قرية ريفا القريبة من مدينة أسيوط"ريفا: قرية يحدها من الشمال قرية درنكة ودير درنكة التي بها دير العذراء بجبل درنكة الذي يقام به أكبر احتفال بالصعيد باكمله ويحدها من الجنوب قريتى دير ريفا والزاوية ومن الشرق قرية موشا ومن الغرب جبل اسيوط المعروف بجبل درنكة، وهى قرية قديمة منذ عصر الفراعنة، وفى العصر القبطى كانت توجد بها أديرة رهبان وأديرة راهبات، وكانت تسمى في ذلك العصر بقرية ابسيديا.
يوجد بهذه القرية الآن أثر قبطى هام وهو كنيسة القديس الأنبا قلتة الطبيب القس والشهيد العظيم، وقد تم بناؤها وتجديدها حوالى ست مرات آخرها كان سنة 2003م، ويحكى أن الذي بنى هذه الكنيسة هو العبد الذي بقى للأنبا قلتة الطبيب بعد أن أعتق جميع عبيده الخمسمائة؛ حيث كان أبوه هو الوالى على بلاد الصعيد، ولكنه بعد ذلك أصبح تلميذًا للأنبا قلتة حيث أخذ العبد والذي يدعى ماجى دم هذا القديس الطاهر وبنى الكنيسة وأنشأ بها بئرًا ووضع الدم الطاهر في البئر، وما زال البئر إلى الآن موجودًا وؤمن البعض أن بمائه معجزات عديدة خاصة شفاء العيون العمياء لأن القديس كان طبيبًا للعيون في حياته"
أنجبت عائلة شريت الكثير من الأعلام وخاصة رجال الدين فمنهم كان الشيخ / محمد شريت أول شيخ للمعهد الديني بأسيوط.
تتلمذ محمد صلاح الدين في المرحلة الابتدائية في المدرسة الخيرية الإسلامية، ثم نال شهادة التوجيهية عام 1957م من مدرسة أسيوط الثانوية. اشتغل بالشهادة التوجيهية في وزارة الداخلية بأسيوط، والتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس بنظام الانتساب ونال درجة الليسانس في التاريخ عام 1964م.
التدرج الوظيفي:
•عمل أخصائيًا ثقافيًا بقصر ثقافة أسيوط من عام 1965م، تحت إشراف الفنان الراحل هبة عنايت.
•وفي عام 1970م التحق بالدورة الأولى من برنامج إعداد القادة الثقافيين الذي نفذ تحت إشراف الأستاذ / سعد الدين وهبة المسئول الأول في جهاز الثقافة الجماهيرية آنذاك، وكان هدف سعد الدين وهبة من هذا البرنامج إعداد مجموعة من الكوادر الثقافية المؤهلة على أعلى مستوى لإدارة النشاط الثقافي بقصور الثقافة الموجودة في عواصم عدد من المحافظات.
•عين صلاح شريت بعد اجتيازه للدورة المذكورة مديرًا لقصر ثقافة أسيوط، وظل منذ ذلك الوقت وحتى خروجه إلى المعاش في فبراير1998م مسئولا عن النشاط الثقافي في أسيوط.
إنجازه الثقافي:
أخذ صلاح شريت على عاتقه مهمة تحويل قصر ثقافة أسيوط ثم مديرية الثقافة أو فرع ثقافة أسيوط إلى مركز إشعاع ثقافي في المحافظة، ومدرسة لإعداد وتخريج الكوادر المتميزة والقادرة فى نفس الوقت على تخطيط وتنفيذ نشاط ثقافى جيد يحقق الأهداف الإستراتيجية التى يتبناها جهاز الثقافة الجماهيرية، وأصبحت أسيوط لأكثر من خمسة وعشرين عامًا منطقة جذب للعديد من الأنشطة الثقافية والفنية، وتردد على أسيوط للمشاركة فى أنشطتها المتميزة عشرات من الأدباء ورجال الفكر وعلماء الدين والصحفيين والفنانين التشكيلين وغيرهم، وانتشرت أندية الأدب فى المواقع الثقافية وتعددت الفرق الفنية من مسرح وموسيقى عربية وفنون شعبية وكورال أطفال وإنشاد ديني، كما تنوعت المؤتمرات والمهرجانات الثقافية والعامة والأدبية والمسرحية، وتم تنظيم الكثير من حفلات تكريم رجال الفكر والرأي من أبناء أسيوط وغيرهم، وأصدر الأدباء كثيرًا من المطبوعات الأدبية وكثرت الأعمال المطبوعة فى شتى مجالات الإبداع الأدبي، هذا بالإضافة إلى معارض الفن التشكيلي الزائرة والمحلية طوال العام، وكذلك معارض الكتب السنوية والمسابقات الأدبية والثقافية العامة وغيرها كثير.
وبالرغم من أن صلاح شريت لم يكن أديبًا أو فنانًا تشكيليًا أو مسرحيًا أو موسيقيًا إلا أنه استطاع أن يصبح "صانع الثقافة" الأول فى محافظة أسيوط بصفة خاصة وفى صعيد مصر بصفة عامة.
وقد حرص صلاح شريت ابتداء من عام 1992 حتى عام 1998م على نقل تجربته الناجحة فى أسيوط إلى بقية الفروع الثقافية، وطوال هذه الفترة ازدهرت الحركة الثقافية فى محافظات الإقليم وامتلأت المواقع الثقافية بعروض المسرح والعروض الفنية المتنوعة ومعارض الكتب والفن التشكيلي والندوات والأمسيات الشعرية وغيرها من الأنشطة المتنوعة، ولم يكن صلاح شريت يكتفي بالتخطيط لهذه الأنشطة عن بعد بل كان كثيرا ما يستضيف بعض كبار الصحفيين أو الأساتذة المتخصصين أو علماء الدين ويصطحبهم إلى بعض محافظات الإقليم فى ندوات ومحاضرات جماهيرية حول العديد من القضايا والموضوعات الحيوية التى تهم الناس.
نماذج من إنجازاته:
أولا: في مجال قصور الثقافة:
1.افتتاح قصور وبيوت الثقافة فى مراكز المحافظة المختلفة.
2.إنشاء مبنى إداري مستقل لإدارة فرع ثقافة أسيوط بعد أن كان مقر إدارة الفرع داخل قصر الثقافة.
3.تأسيس مركز ثقافة الطفل.
4.إنشاء قصر ثقافة جديد بمدينة أسيوط بحي شرق يسمى الآن "قصر ثقافة أحمد بهاء الدين" وهو يخدم الجزء الشرقي من المدينة.
5.إنشاء مسرح الطفل الصيفي.
6.تأسيس مكتبة المنفلوطي.
7.تأسيس مكتبة الطفل الثقافية بمدينة منفلوط.
ثانيا: فى المجال الأدبي:
1.تأسيس سبعة أندية أدبية معتمدة وذات ميزانيات مالية على مستوى المحافظة.
2.تنظيم عدة مؤتمرات ومهرجانات حول بعض الأعلام من أبناء المحافظة.
3.تأسيس مجلة اللقاء الأدبية على مستوى الفرع ثم مجلة الحوار على مستوى الإقليم الثقافي.
4.تأسيس سلسلة الإبداع الثقافى بفرع ثقافة أسيوط عام 1983م.
5.تأسيس المسابقة الأدبية السنوية المحلية التي كانت تمول من خلال جمعية رواد قصر ثقافة أسيوط.
6.الإشراف على تنظيم عشرات المحاضرات والندوات الأدبية والأمسيات الشعرية في مختلف المواقع الثقافية.
ثالثا: في المجال الفني:
1.إنشاء فرقة أسيوط للفنون الشعبية وأسيوط للموسيقى العربية وأسيوط للآلات الشعبية وفرقة الإنشاد الديني بالقوصية.
2.إنشاء فرق مسرحية بديروط ومنفلوط وأبو تيج وساحل سليم والبداري والغنايم.
3.تأسيس معرض الربيع السنوي لكبار فناني أسيوط التشكيليين ومعرض صالون الشباب للواعدين من الفنانين التشكيليين الشباب.
4.تنظيم مهرجان الموسيقى الشعبية في دورته الأولى 1992م التي كانت حول آلة (الربابة).
5.تأسيس نادي سينما قصر ثقافة أسيوط الذي كان طوال سنوات الثمانينيات والتسعينيات من أكثر أندية السينما على مستوى الهيئة أعضاء ونشاطا.
6.حصول الكثير من الفرق المسرحية وفرقة الموسيقى العربية وكذلك الفنون الشعبية أكثر من مرة على المراكز الأولى في المهرجانات المركزية التي كانت تنظمها الهيئة.
رابعا: في مجال الثقافة الدينية:
1.تنظيم عدد من الأنشطة الثقافية والفنية المتميزة والمتنوعة في شهر رمضان الكريم.
2.الاحتفال بمختلف المناسبات الدينية الأخرى.
3.تأسيس جمعية رواد قصر ثقافة أسيوط عام 1970م وهي الجمعية التي استطاعت أن تصبح من أنشط وأغنى الجمعيات الثقافية على مستوى الجمهورية، وإلى الجمعية يعود الفضل في الصرف على العديد من الأنشطة الثقافية والفنية إبان السبعينات والثمانينات في ظل ضعف الميزانيات الرسمية المخصصة للنشاط.
أحيل صلاح شريت إلى المعاش في 8 فبراير 1998م، وعلى الرغم من أنه ابتعد رسميًا عن الثقافة في أسيوط إلا أنه مازال مهمومًا بها مشغولا بأوضاعها يألم لانتكاساتها وتراجعاتها ويفرح لأي إنجاز يتحقق فيها على أيدي تلاميذه حتى لو كان إنجازًا صغيرًا.