انتشر منذ فترة وجيزة فيديو لطفلة صغيرة وهي تودع والدها عند سفره وقد خرجت منها كلمات حزينة تحمل بين طياتها براءة الطفولة وحرقة الفراق.
وهي تستنجد به أن يجلس معها ولا يتركها وتخبره بأنها حزينة من العمل لانه يأخذه منها.
فاستوقفني ذلك المشهد ولاحت في مخيلتي افكاراً عديدة لما لا يستجيب لها والدها ويتخلى عن سفره .
هل هناك أهم من سعادة تلك المسكينة التي تجد فرحتها في رؤية والدها عند كل صباح وتنام بين زراعيه في المساء.
وهل هذا الرجل خلق لكي يأتي بالمال والهدايا وحسب دون أدنى عاطفة أو لهفة لذويه.
ولكن وسط كل هذه الاسئلة التي تبدو مألوفة هناك ايضا سؤال اراه منطقياً هل هذا الرجل ترك ابنته وزوجته وأهله بخاطره وكامل إرادته أم أن هناك أمر أخر جعله يترك كل هؤلاء ويرتمي بين أحضان الغربة التي سلبت منه ريحانة شبابه وأريج صحته وقوته.
ولم يلبث الامر طويلا حتى تبددت تلك السحابة من الافكار لكي تخرج بعدها شمس الحقيقة لتكشف عن واقعٍ مرير يعيشه الكثير ممن كتبت عليهم الغربة وهم مكرهين.
واذا ضربنا لذلك الامثلة فلن نحصرها عددا ولكن انوه فحسب إلي ما مر به خيرنا وخير الخلق أجمعين محمدٌ النبي الكريم عليه ازكى الصلوات واتم التسليم عندما اخرجه قومه من أهله وبلدته مكة المكرمة وهي أحب البلاد إليه ليبدأ حياة دعوية جديدة في المدينة المنورة.
وأعود الي ذلك الرجل الذي ربما دفعته الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد عموما والاشخاص بالتبعية لذلك الي أن يغادر بلاده ليبحث عن مصدر جديد للعيش في بلاد جديدة.
فحقاً أن اشفق عليه
فلا هو يعيش بين اهله فيسر بذلك ولا ينعم في غربته وهو يعيش فيها جسداً بلا روح .
وأخيرا لا تحسدو مسافراً مهما جنى من الاموال فقد دفع الضريبة مضاعفة وياله من ثمن بخس لبضاعة العمر والصحة الغالية.